وليس هذا فحسب ولكي يخفي المسؤولين في الحكومة الجديدة فشل سياستها تجاه احتواء الوباء، وتنصلها من مسؤوليتها تجاه المجتمع، فهي تلقي باللوم على عاتق المواطن بسبب تفشي الوباء وتبرر ذلك بعدم الالتزام بتوجيهات وزارة الصحة وعدم وعيه بخطورة الفيروس.
قد تحمل هذه التصريحات في الظاهر شيئا من الحقيقة، ولكن من حيث المحتوى فهي مجافية للواقع الذي ادى بالمواطن الى الحالة التي يتحدث عنها اولئك المسؤولين. وإذا ما أوضحنا أكثر فالحقيقة هي غياب خطة سياسة واضحة على الصعيد الاقتصادي والاجتماعي والصحي لاحتواء الوباء من قبل الحكومة.
ان غالبية الشعب العراقي يؤمن اليوم بحقيقة وجود فيروس كورونا وخطورته المميتة، إلا ان مجمل الوضع الاقتصادي من بطالة سرطانية وتدهور الوضع المعاشي لعموم جماهير العراق بعد عملية ما سمي بالحجر الصحي، هو الذي أوصل الإنسان إلى مرحلة عدم الاكتراث وعدم المبالاة، بحيث دفعه أن يضرب كل شيء عرض الحائط بما فيه حياته. اي بعبارة اخرى ان سلطة الاسلام السياسي الشيعي بالدرجة الاولى وكل الطبقة السياسية الحاكمة في العراق بما فيها العناصر الحكومية اليوم هي من اوصلت جماهير العراق الى عدم الاكتراث بحياتها وهي من تتحمل المسؤولية لما آلت اليه الاوضاع الحالية.
إن التغلب على فيروس كورونا لا يتم عبر قطع الطرق الرئيسية الذي أصبح مهزلة تضاف الى بقية مهازل الحكومات العراقية المتعاقبة، بل يتم وقبل كل شيء توفير الحد الادنى من معيشة الجماهير. ان جميع الارقام والاحصائيات الطبية والحقائق العلمية أثبتت ان مناعة الجسم هو الخط الدفاعي الرئيسي بوجه الفيروس، وهذا مرتبط بنوع التغذية ونمط الحياة الذي يعيشه الإنسان. وهذا يعني أن مناعة الجسم تعتمد على التغذية الجيدة التي توفر الفيتامينات والمعادن للجسم البشري، وأن يكون الإنسان بعيدا عن الضغوطات والتوترات العصبية، واساس هذين المسألتين هو الأمان اقتصادي. وهذا يعني أنه عندما تعيش الاغلبية المطلقة للجماهير في فقر مدقع وعوز والخوف من الغد، فهل سيجد فيروس كورونا مكان أفضل واستقبال مليء بالحفاوة مثلما سيجده في المناطق الفقيرة، حيث يعتبر العراق هو من الأماكن المفضلة للسياحة لدى كورونا.
ان حكومة الكاظمي التي دشنت عهدها مثل سابقاتها بالكذب، تحاول ذر الرماد في العيون من خلال القول بأن من اولوياتها هي الاقتصاد واحتواء كورونا. ففي الحقيقة ومن تصريحات وزير ماليته فإن خطة الحكومة تكمن في القاء المسؤولية على كاهل الجماهير العمالية والكادحة في العراق.
ان سياسة نشر الرعب وعدم الشعور بالأمان بسبب مرض كورونا هي وراء تصريحات علي علاوي وزير مالية الكاظمي. فالحكومة تحاول وعبر (نظرية الصدمة) ــ التي تحدثت عنها الصحفية الكندية نعومي كلاين في كتابها حول سياسة الليبرالية الجديدة التي مفادها استثمر الأموال طالما الدماء لم تجف بعد في الشوارع ــ تمرير سياستها التقشفية ولمدة عامين، وكأن سبعة عشر عام منذ الاحتلال لم تكفي، وتريد المزيد من الوقت لشد الاحزمة على البطون.