سمير عادل
بدلا من ان نحارب الارهاب في نيويورك وواشنطن، فعلينا محاربة الارهاب في العراق. هذا ما تفوه به ديك تشيني نائب الرئيس الامريكي جورج بوش الابن وبول بريمر رئيس التحالف المدني لاحتلال العراق عام ٢٠٠٤. وهذا ما يدور اليوم في العراق بين عملاء امريكا وعملاء الجمهورية الاسلامية.
التيار الذي هيمن على الفصل الأول من آفاق انتفاضة أكتوبر يسجل انتصاراته السياسية. انه التيار القومي المحلي والموالي للولايات المتحدة الامريكية، التيار الذي يمثله اليوم رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي الذي وصل كما نوهنا من قبل في أكثر من مناسبة لسدة السلطة على أكتاف انتفاضة اكتوبر.
اعفاء فالح الفياض او بالاحرى اقالته من مركز مستشار الأمن الوطني ومن رئاسة جهاز الأمن الوطني هو خطوة جديدة في مسار الكاظمي لتصفية او تقويض النفوذ الايراني في العراق، والمعروف عن فالح الفياض هو من كان وراء اشاعة (الطرف الثالث) في قتل المتظاهرين بشكل مباشر أو غير مباشر.
وإذا ما دققنا في تعيينات الكاظمي فيمكن بسهولة معرفة كيف ان هذا الخط الذي يمثله الكاظمي ويدعمه جناح العبادي ومن خلف الكواليس التيار الصدري بدء يؤكل ثماره. فها هو عبد الغني الاسدي الذي احيل الى التقاعد قبل سنتين وكان يروج له مرشحا لرئاسة الوزراء عبر عدة خيام في ساحة التحرير، اصبح اليوم رئيسا لجهاز الأمن الوطني، كما تم من قبل تسليم عبد الوهاب الساعدي منصب رئيس جهاز مكافحة الارهاب وهو الآخر روج له كمرشح لرئيس الوزراء في خيام التحرير، ونفس الشيء في تعيين كاظم السهلاني منسق بين المحافظات الذي كان من بين مرشحي ساحة التحرير لرئاسة الوزراء، وبموازاة ذلك تم تغيير قادة القوات البرية والعمليات المشتركة بأشخاص معروفة ولاءاتهم. وكل هذه التغييرات بقدر ما تكشف عن حقبة جديدة من احتدام الصراع السياسي على السلطة بين أجنحة الطبقة الحاكمة او بأدق العبارة بين نفوذي الجمهورية الاسلامية في ايران والولايات المتحدة الامريكية فبنفس القدر يمثل انتصارا سياسيا للخط الموالي لامريكا في العراق خلال هذه المرحلة على الأقل من خلال شكل السلطة.
ما حدث قبل اكثر من اسبوع باعتقال عناصر من ميلشيات الحشد الشعبي بتهمة الارهاب والعبث بأمن القواعد الامريكية ومن ثم اطلاق سراحهم بعد تطويق تلك المليشيات للمنطقة الخضراء، لم تكن مسرحية هزيلة كما يصفها بعض المحللين السياسيين ولا هو جس نبض من قبل حكومة الكاظمي لهذه الميليشيات، وانما كان كل طرف يستعرض قوته العسكرية أمام الاخر، وكشفت تلك الاحداث للطرفين المتصارعين بأن اي واحد منهما ليس له القدرة بحسم الصراع بالضربة القاضية او الضربة الاستباقية على حد سواء. فتعويل الكاظمي باعتقاله لتلك العناصر كان يستند على خسارة تلك المليشيات لنفوذها السياسي والاجتماعي اثر ضربات انتفاضة اكتوبر، بينما عول الطرف الآخر الموالي للجمهروية الاسلامية على نفوذه العسكري والميليشياتي وغياب اي شكل للدولة ومقدار تغلغله في الاجهزة الامنية الحكومية.